القاهرة (رويترز) - في كتاب جديد يرصد باحثان أمريكيان في شؤون الاسلام والاديان "حقيقة التفكير" عند 1.3 مليار من المسلمين ويسجلان أن هناك تنوعا وثراء واضحين في المجتمعات الاسلامية لكن "أقلية قاتلة من المتطرفين السياسيين والايديولوجيين" تتصدر المشهد بصورة تطغى على روح الاعتدال.
ويقول كتاب (من يتحدث باسم الاسلام؟) انه مع تصاعد موجات التشدد والعنف في السنوات الاخيرة فان المسلمين وغير المسلمين "على السواء ظلوا ضحايا للارهاب العالمي" مستشهدا بقيام ما يسميه جماعات جهادية بارهاب مجتمعات اسلامية باسم الاسلام.
والكتاب محصلة استفتاء أجراه معهد جالوب بالولايات المتحدة بين عامي 2001 و2007 وشمل عشرات الالاف من المقابلات من الفئات العمرية والثقافية المختلفة في 35 دولة اسلامية تمثل "الاغلبية الصامتة بالاكراه...هذا العمل أكبر وأشمل دراسة للمسلمين المعاصرين أجريت حتى الان".
ويقع الكتاب في 239 صفحة كبيرة القطع ويحمل عنوانا فرعيا هو (كيف يفكر -حقا- مليار مسلم.... نتائج أكبر استطلاع رأي عالمي حتى الآن) وترجمه الى العربية عزت شعلان وصدر في القاهرة عن (دار الشروق).
ومؤلفا الكتاب هما جون اسبوزيتو أستاذ الديانات والشؤون الدولية والدراسات الاسلامية بجامعة جورجتاون وداليا مجاهد وهي من أصل مصري وتعمل مديرة تنفيذية لمركز جالوب للدراسات الاسلامية وهي عضوة بالمجلس الاستشاري للاديان الذي شكلته ادارة كابتن الامريكي باراك أوباما.
وفي فصل عنوانه "ديمقراطية أم ثيوقراطية" بمعنى الحكم الديني يرصد الكتاب ما يعتبره حقائق سياسية في العالم الاسلامي تدفع مفكرين وصناع سياسة غربيين لعدم الايمان بوجود ديمقراطية حقيقية في العالم الاسلامي.
اذ يفوز الحكام في انتخابات رئاسية "بصورة روتينية بنسب تقريبية تتراوح بين 90 بالمئة و99.9 بالمئة. وقد فاز رئيس تونس ( زين العابدين) بن علي بنسبة 99.4 بالمئة من الاصوات في انتخابات الرئاسة في عام 1999 وبنسبة 94.5 في عام 2004. وفي مصر فاز كابتن حسني مبارك بنسبة 94 بالمئة في عام 1999 وبنسبة 88.6 في عام 2005 من أصوات الناخبين" ويحكم مبارك (81 عاما) البلاد منذ 28 عاما.
ويسجل الكتاب أن الحاكم غير الديمقراطي يستخدم سلاح التهديد من الارهاب الدولي تبريرا لحكمه المستبد فيقول ان مبارك "وعد بالغاء قوانين الطوارئ سيئة السمعة" عام 2005 ثم تراجع نظرا للمسائل "الامنية.. وتسمح قوانين الطوارئ التي ظلت قائمة منذ جاء كابتن مبارك الى السلطة في عام 1981 بالاعتقالات والاحتجازات" من دون محاكمة.
ويقول الكتاب ان الديمقراطيات أكثر استقرارا من الدكتاتوريات ففي ظل الحكم الديمقراطي تقل الظروف المساعدة على تنامي قوى العنف والتشدد.
ويربط بين سياسة أمريكا التي يقول انها تهدف الى تحقيق الديمقراطية في الشرق الاوسط "وعواطف الاغلبية الهائلة من أولئك المشاركين في الاستفتاء الذين يقولون انهم معجبون بالحريات السياسية في الغرب".
ولكنه يتساءل.. اذا كانت هناك رغبة في الديمقراطية "فلماذا لم يكن الطريق اليها اذن أيسر وأسرع.." وبدلا من تقديم اجابة عن السؤال فانه يسجل أن الاغلبية في الاردن ومصر وايران وباكستان وتركيا والمغرب ترى أن أمريكا غير جادة في نشر الديمقراطية في هذه الدول.
ويقول ان 24 بالمئة فقط من المصريين والاردنيين يوافقون على أن أمريكا جادة في انشاء نظم ديمقراطية في حين يوافق على ذلك 54 بالمئة من اللبنانيين.
ويضيف أن استراتيجية ادارة كابتن الامريكي السابق جورج بوش كانت تتجه لتدعيم "التحالفات التاريخية للولايات المتحدة مع الانظمة العربية السنية الاستبدادية" وهي مصر والاردن والسعودية ودول الخليج التي تمثل "التحالف ضد ايران" في الشرق الاوسط.
ويستعرض الكتاب التنوع الكبير في المجتمعات الاسلامية بامتداد العالم العربي وصولا الى جنوب شرق اسيا اضافة الى انتشار المسلمين في الولايات المتحدة وأوروبا حيث "يمثل الاسلام الديانة الثانية العظمى في أوروبا" موضحا أن في العالم الاسلامي عددا كبيرا من اللغات والاعراق والعادات وأن 57 دولة يغلب المسلمون على سكانها وأن العرب يمثلون 20 بالمئة من السكان المسلمين في العالم.
ويقول ان فشل الحكومات في الدول ذات الاغلبية المسلمة " واختطاف الحكام والارهابيين للاسلام" ساعد في تشويه صورة الاسلام في الغرب. ففي استفتاء نشر بالولايات المتحدة عام 2006 كان لدى 46 بالمئة من الامريكيين "فكرة سلبية عن الاسلام".
ويضيف الكتاب أن استفتاء اخر أجري عام 2006 أيضا سجل تحيزا أمريكيا ضد المسلمين اذ ان 44 بالمئة منهم "يقولون ان المسلمين متطرفون جدا في عقائدهم الدينية" ولا يرغب 22 بالمئة من الامريكيين في أن يكون لهم جيران مسلمون.
وفي استفتاء نشر عام 2005 حول ما يعجب الامريكيين في المجتمعات الاسلامية أجاب 32 بالمئة قائلين.. "لا شيء" واعترف 25 بالمئة بأنهم لا يعرفون.. "لا أدري".
ويقول ان هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001 على الولايات المتحدة وما تلاها من "هجمات ارهابية مستمرة" في عواصم عربية وأوروبية أدت الى تنامي الهلع من الاسلام حتى أصبح المسلمون في موقف المذنب الى أن تثبت براءتهم "وتم اعتبار الاسلام سببا" مضيفا أن اليمين المسيحي في ادارة بوش كان له دور في "الصاق تهمة الشيطنة بالاسلام."
ويستشهد بتصريح فرانكلين جراهام ابن القسيس بيلي جراهام وخليفته في قناة (ان.بي.سي) في نهاية عام 2001 اذ قال ان الاسلام "ديانة شريرة جدا ومؤذية جدا" وفي سبتمبر أيلول 2002 وصف القسيس بات روبرتسون في قناة فوكس النبي محمد بأنه "متعصب ذو عين شريرة على الاطلاق...وهو لص وقاطع طريق...وقاتل" ولكن الكتاب يشدد على أن الزعماء الانجيليين لا يشتركون في هذه النظرة السلبية تجاه الاسلام وبعضهم يعتبر هذه التصريحات خاطئة.
ويسجل الكتاب فيما يشبه التحذير من وجود تشدد داخل العالم الاسلامي وخارجه أنه "في العالم الذي يتوحد فيه "نحن" و"هم" يعتبر الاسلام -لا المسلمون الراديكاليون فحسب- تهديدا للعالم كما أن أولئك المؤمنين بصدام وشيك للحضارات ليسوا نسخا من (زعيم تنظيم القاعدة أسامة) بن لادن في العالم ولكنهم كثيرون منا كذلك."